السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :::
عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : { لما خلق الله الأرض جعلت تميد ، فخلق الجبال ، فعاد بها عليها ، فاستقرت ، فعجبت الملائكة من شدة الجبال ، فقالوا : يارب هل من خلقك شيء أشد من الجبال ؟ قال : نعم ، الحديد ، قالوا يارب فهل من خلقك أشد من الحديد ؟ قال : نعم النار ، فقالوا : يارب فهل من خلقك أشد شيء من النار ؟ قال : نعم الماء ، فقالوا يارب فهل من خلقك أشد من الماء ؟ قال : نعم الريح ، فقالوا يارب فهل من شيء أشد من خلقك من الريح ؟ قال : نعم ابن آدم تصدق بصدقة بيمينه ، يخفيها عن شماله }...
رواه الامام أحمد و الترمذي
============
تميد : يعني تتحرك و تضطرب
بها عليها : يعني بالجبال على الأرض
معناه
~~~~~
قال الله تعالى : ( و ألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ) و جاء صدر الحديث مصرحا بما أشارت اليه الآية الكريمة ، و ذلك ان الله خلق الأرض أولا فلما مادت أرساها و ثبتها بالجبال . (فعجبت الملائكة من شدة الجبال ، قالوا يارب هل من خلقك شيء أشد من الجبال ؟ قال نعم ، الحديد ) فبه تقطع الجبال و الصخور و تفتح فيها الانفاق بل تزال الجبال من أماكنها بالحديد .
و كررت الملائكة الكرام السؤال هل من خلقك أشد شيء من الحديد ؟ قال : نعم النار .. فبها يلان الحديد و يكيف كما يريد الإنسان و عليها يصهر حتى يذوب ..
و يشتد العجب لدى كل سامع .. و تسأل الملائكة ربها هل من خلقك أشد شيء من النار ؟ فيقول الله تبارك و تعالى نعم الماء !! فإن النار مهما اضطرمت و تأججت و ارتفعت و اكلت الأخضر و اليابس فإن الماء بإذن الله تطفئها و تتغلب عليها فلا تبقي لها اثر ..
فقالوا يارب هل من خلقك من شيء أشد من الماء ؟ فيقول الله عز وجل نعم الريح !! فإنها تجفف الماء و تذهب به و الماء حين يكون في السحاب فإن الريح تسيره يمنة و يسرة .
و لا ريب أن الأمر قد تعاظم على الملائكة فسألوا هل من خلقك من شيء أشد من الريح ؟ فيقول الله عز وجل نعم ابن آدم تصدق بصدقة بيمينه يخفيها من شماله !!!
فالأرض ، وما أدراك ما الأرض ! هذا المخلوق العظيم وأعظم منها الجبال ، و أعظم منها الحديد ، و أعظم منها النار ، و أعظم منها الماء ، و أعظم منها الريح ، و أعظم من الريح اخفاء ابن آدم صدقته إخفاء مبالغا فيه بحيث لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .
فإخفاء الصدقة يجيء في المرحلة السابعة من حيث عظمه عند رب العالمين و قوة تأثيره .
و لذلك كان صاحب هذه الخصلة الصالحة في ظل الله تعالى يوم القيامة يوم يخوض الناس في عرقهم خوضا من شدة دنو الشمس من رؤوس الخلائق و بعضهم يلجمه العرق فيصل إلى فمه حتى يكاد يغرقه و لكن لا موت هناك ! في تلك الحال الشديدة الرهيبة يكون هذا الصنف من الناس _ من أسر بصدقته _ و اصناف أخرى معروفة : آمنين في ظل الله لا يمسهم نصب و لا لغوب ، و لا حرارة شمس و لا مكروه .
و حقيق بطاعة يكون هذا اثرها في صاحبها ... أن تكون أعظم من الأرض و الجبال و الحديد ........
اللهم اجعلنا منهم ...
و آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين ..